ما المتوقع في مناظرة الثلاثاء المقبل بين ترامب وهاريس؟
رفح نيوز- وكالات
ستُجرى المناظرة الثانية من مناظرات الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، يوم الثلاثاء المقبل، التي ستشهد أول مواجهة بين الرئيس السابق دونالد ترامب، ونائبة الرئيس الأمريكي الحالي كامالا هاريس.
ويأتي الاهتمام بمثل هذه المناظرات في ظل إمكانية تأثيرها إلى حد كبير على قرار الأمريكيين بالتصويت في هذه الانتخابات، فالبعض يرى أن كامالا هاريس مناظرة بارعة، بينما أظهر دونالد ترامب في المناظرات الرئاسية لعامي 2016 و2020 أنه منافس مميز.
ويلتقي ترامب وهاريس في أول مناظرة رئاسية بينهما بعد غد الثلاثاء في أجواء انتخابية ساخنة، خاصة بعد أن قلبت المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس البالغة من العمر 59 عامًا، الموازين بالنسبة لترامب (78 عامًا) الذي كان متقدّما في الاستطلاعات، إلى أن انسحب بايدن من السباق قبل 6 أسابيع لتحل هي مكانه.
وقبيل هذه المناظرة، كشف استطلاع لـ”يو إس أيه توداي” و”جامعة سافلوك”، الثلاثاء الماضي، أن هاريس تتقدّم على ترامب بنسبة 48% مقابل 43%، بفارق 8 نقاط عما كان الحال عليه أواخر يونيو الماضي عندما كان ترامب متقدّما على بايدن، كما خلص الاستطلاع إلى أنها حققت مكاسب بأرقام عشرية في أوساط فئات مهمة، مثل اللاتينيين والسود والشباب.
في هذا السياق، تثار العديد من التساؤلات؛ أهمها: ما أهم الموضوعات التي ستتطرق إليها الأسئلة الموجهة لكل من المرشحين الجمهوري والديمقراطي؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحسم خبرات ومهارات كل من المرشحين في إدارة الحوار في حسم هذه المناظرة لصالحه انتخابيًا؟ وكيف ستُجرى وتدار هذه المناظرة، وما تأثيرها المحتمل على نتائج استطلاعات الرأي وقرار الناخب الأمريكي إزاء المرشحين الجمهوري والديمقراطي في الفترة المقبلة؟
وفي ضوء ما سبق، يأتي هذا التحليل للإجابة على التساؤلات السبقة عبر النقاط الرئيسة التالية:
ترامب وهاريس.. سجل حافل بالمناظرات
(*) تاريخ وخبرة كامالا هاريس في المناظرات: شاركت كامالا هاريس في المناظرات الانتخابية منذ عام 2003، عندما فازت بالسباق لتتولى منصب المدعي العام لمنطقة سان فرانسيسكو، كما شاركت في المناظرات خلال حملاتها الانتخابية الناجحة لنيل منصب نائبة عامة لولاية كاليفورنيا وعضوة في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا، كما ناظرت جو بايدن في 2019 عندما كانت تنافس على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، وواجهت مايك بنس في مناظرة نائب الرئيس لعام 2020.
وأظهرت نائبة الرئيس الأمريكي قدرة على السيطرة على المسرح، وفي مناظرة 2020 مع بنس، وبّخته لمقاطعته لها قائلة: “سيدي نائب الرئيس، أنا أتحدث”.
واكتسبت “هاريس” الكثير من الخبرة في مناظرات مجلس الشيوخ الأمريكي، وقبل ذلك كمدعية عامة في محاكم كاليفورنيا، إذ تتمثل المهارة الأساسية في تسليط الضوء على نقاط ضعف الخصم، ورغم ذلك، فشلت هاريس في أن تكون المرشحة الرئاسية الديمقراطية لعام 2020، وانسحبت قبل المنافسة الأولى في ولاية أيوا، وكان من أهم الانتقادات التي وُجهت إليها أنها ليس لديها مواقف سياسية ثابتة.
تعتبر مناظرة الثلاثاء المقبل ضد ترامب التحدي الأكبر الذي يتعين على هاريس مواجهته منذ دخولها السباق الرئاسي، فمن المرجّح أن تواجه هاريس أسئلة صعبة حول سياساتها من قِبل المشرفين على الحدث، كما ينتقدها البعض لما يرونه إطالة في الحديث أثناء الإجابة على الأسئلة.
(*) تاريخ وخبرة دونالد ترامب في المناظرات: سبق لترامب أن شارك في سلسلتين من المناظرات الرئاسية، في عامي 2016 و2020، وأثبت أنه خصم يقاتل بشراسة وغير تقليدي، وأثناء مناظرات 2016 ضد هيلاري كلينتون، كان يسير على خشبة المسرح ويقف خلفها مباشرة أثناء حديثها، الأمر الذي قالت عنه إنه “جعل جسدها يرتعد”.
وفي أول مناظرة رئاسية عام 2020، كان ترامب يقاطع جو بايدن باستمرار، ما دفعه إلى أن يقول وهو منزعج: “هل صمتَّ يا رجل؟”.. وعلى الأرجح، كانت هذه التكتيكات هي السبب وراء تعطيل خصوم الرئيس الأمريكي السابق وتسليط الضوء عليه طوال الوقت أثناء المناظرات، ومع ذلك، غالبًا ما كان ترامب ينحرف عن الموضوع أثناء المناقشات ويؤكد الكثير من الأمور التي تبين أنها غير صحيحة من قِبل مدققي الحقائق.
كيف ستُجرى مناظرة الثلاثاء المقبل؟
ستُجرى المناظرة في مدينة فيلادلفيا الواقعة بولاية بنسلفانيا، في 10 سبتمبر في التاسعة مساءً بتوقيت نيويورك الشرقي (الواحدة ليلًا بتوقيت جرينتش) وهذه هي المناظرة الرئاسية الثانية لعام 2024، فالمناظرة الأولى قد أُجريت في يونيو الماضي، بين دونالد ترامب والرئيس جو بايدن قبل أن يقرر الأخير الانسحاب من السباق الرئاسي.
ومن المقرر أن تُبث المناظرة على قناة “إيه بي سي” الإخبارية، كما تُبث عبر البث الإخباري الحي لشبكة “إيه بي سي”، وشبكتي “ديزني” و”هولو”، وتفرض المناظرة حدودًا زمنية صارمة، إذ تمنح كل مرشح دقيقتين كحد أقصى للإجابة على أسئلة المشرفين، وسيكون لديه دقيقتان لتفنيد حجج المنافس، ثم يُكتم صوت ميكروفونات كل مرشح عندما يتحدث منافسه، كما لن يكون هناك جمهور في قاعة المناظرة.
ويدير مناظرة الثلاثاء المقبل، اثنان من المشرفين؛ هما دايفيد موير ولينسي ديفيس، وكلاهما يقدمان برامج إخبارية على شبكة “إيه بي سي” الإخبارية.
ما حدود تأثير المناظرة الأولى بين ترامب وهاريس؟
قد تشكل هذه المناظرة نقطة تحول مهمة في الانتخابات الأمريكية 2024، إذ تأتي في وقت يشتد فيه الصراع بين المرشح الجمهوري ترامب، ونظيرته الديمقراطية هاريس، التي تسعى إلى تعزيز تقدمها في استطلاعات الرأي التي أظهرت تفوقها على ترامب بفارق خمس نقاط؛ لذلك سيكون تأثير المناظرة حاسمًا بالنسبة لهاريس التي تعتبر هذه المناظرة فرصة لتقديم نفسها بشكل أفضل للناخبين المترددين الذين لا يعرفونها جيدًا بالمقارنة مع ترامب.
وعلى الجانب الآخر، قد يواجه ترامب، الذي يعتمد على شعبيته الثابتة بين قاعدته الانتخابية، تحديات كبيرة إذا نجحت هاريس أثناء تلك المناظرة في توجيه انتقادات قوية له، خاصة فيما يتعلق بقضاياه الجنائية، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل النظرة العامة تجاهه.
إجمالًا، يعتمد التأثير الأكبر للمناظرة المرتقبة على قدرة كل مرشح على إبراز نقاط القوة واستغلال نقاط ضعف الخصم، فإذا نجحت هاريس في تعزيز الثقة لدى الناخبين، قد تزداد فرصها في السباق الانتخابي على حساب ترامب، والعكس صحيح.
ما الأسئلة المحتملة في مناظرة هاريس وترامب الثلاثاء المقبل؟
من المتوقع أن يتم توجيه مجموعة متنوعة من الأسئلة حول قضايا محلية ودولية مؤثرة في قرار الناخب الأمريكي بالتصويت لمرشح دون غيره في الانتخابات المقبلة، وقد تشمل هذه الأسئلة خططًا وبرامج وتصورات كلا المرشحين الجمهوري والديمقراطي في المجالات التالية:
(*) فيما يتعلق بالاقتصاد: يتوقع أن تُطرح بعض الأسئلة مثل: كيف يخطط كل من هاريس وترامب لمعالجة التضخم الذي يؤثر على الأسر الأمريكية؟.. وما السياسات والبرامج والخطط التي سيطبقها كل منهما لتعزيز الاقتصاد في ظل التحديات الحالية، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة؟
(*) فيما يتعلق بالسياسة الخارجية: كيف ستتعامل كل من الإدارتين الديمقراطية والجمهورية مع الصراع في أوكرانيا، والشرق الأوسط،، والتوترات المتزايدة مع الصين؟.. وما استراتيجية كل منهما لضمان أمن الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات العالمية؟
(*) فيما يرتبط بالهجرة والأمن الداخلي: ما خططك لإصلاح نظام الهجرة.. وكيف تضمن أمن الحدود مع مراعاة القضايا الإنسانية؟.. كيف تتعامل مع أزمة اللاجئين وتدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة؟
(*) فيما يرتبط بقضايا العدالة الاجتماعية: كيف تعتزم مواجهة التفاوتات العرقية والاجتماعية في الولايات المتحدة؟.. وما خططك لإصلاح نظام العدالة الجنائية ومعالجة مشكلات مثل وحشية الشرطة؟
(*) فيما يتعلق بالصحة والأزمات المرتبطة بها: ما خططك لتقوية نظام الرعاية الصحية بصفة عامة؟.. وكيف يمكنك مواجهة أزمة صحية جديدة مثل جائحة كوفيد-19؟
وفي النهاية، يمكن القول إن الأسئلة السابقة المحتمل إثارتها في مناظرة الثلاثاء المقبل بين ترامب وهاريس وغيرها، تعكس القضايا الرئيسية التي تؤثر على الناخبين الأمريكيين، وبالتالي قرارهم بالتصويت لمرشح دون الآخر، ومن المرجح أن تُشكّل المناظرة أداة محورية للمرشحين الجمهوري والديمقراطي لإقناع الجمهور الأمريكي بكفاءتهما في التعامل مع تلك القضايا.
فإجابة كل من ترامب وهاريس على هذه الأسئلة ستعكس قناعة وبرامج وخطط كل منهما إزاء القضايا المختلفة، فعلى سبيل المثال في مجال الاقتصاد، كشفت هاريس قبيل المناظرة، عن خططها لمساعدة الأعمال التجارية الصغيرة في الولايات المتحدة، إذ تعهدت بـ”اقتصاد فرص”، حيث تقترح هاريس خفض الضرائب وتخفيف العراقيل البيروقراطية بالنسبة للشركات الصغيرة حال انتخابها في نوفمبر المقبل، كما أفاد مسؤول في حملتها، بأنها “ستقترح زيادة الإعفاء الضريبي بعشرة أضعاف لبدء عمل تجاري صغير، وحددت هدفًا يتمثّل في: الوصول إلى 25 مليون طلب لإطلاق عمل تجاري صغير جديد في ولايتها الأولى”، أيضًا سترفع هذه الخطة، حد الإعفاء الضريبي على تكاليف الشركات الناشئة بالنسبة للأعمال التجارية الصغيرة من 5000 إلى 50 ألف دولار.
ومن المحتمل كذلك أن تشهد المناظرة انتقاد كل من المرشحين للآخر لإظهار نقاط ضعفه، فعلى سيبيل المثال، سوف يركز المرشحان في منافستهما في المجال الاقتصادي على بعض الموضوعات أو القضايا مثل مسألة الضرائب، إذ يتّهم ترامب المرشحة الديمقراطية باستنساخ سياسة إلغاء الضرائب على البقشيش بالنسبة للعاملين في قطاع الخدمات، فيما يتعهّد هو بخفض الضرائب على مختلف الشرائح.